يعتمد نجاح الأعمال في كثير من أركانه على قوة التخطيط وقدرته على مجابهة جميع الظروف في مراحل العمل المختلفة، وتعد عملية تخطيط الخروج واحدة من أهم العوامل الواجب دراستها بدقة لضمان رؤية واضحة لمستقبل الأعمال. 

فما هي استراتيجية الخروج ولماذا تعتبر هامّة جداً في دورة حياة الأعمال؟ 

ما هي استراتيجية الخروج؟ 

تعتبر استراتيجية الخروج Business Exit Strategy أو استراتيجية التخارج ضمن مجال الأعمال إحدى الخطط التي يعتمدها صاحب الشركة أو رائد الأعمال أو المستثمر للخروج من الاستثمار ونقل أصول ملكية العمل إلى شركة أو مستثمر آخر. 

ومن المفترض أن يقوم رائد العمل بدراسة وتحديد خطة الخروج المناسبة لعمله منذ مراحل التخطيط الأولى للمشروع، وقبيل إطلاقه، لما تحمله من أهمية لاحقة في عملية اتخاذ القرارات التطويرية والتنموية المناسبة ضمن العمل. 

أهمية وجود خطة استراتيجية للخروج

تعتبر خطة الخروج بمثابة رؤية واضحة تحدد مستقبل العمل بعد الوصول إلى مرحلة استثمارية معينة، إذ يمكن تطبيقها عند تحقيق الهدف الاستثماري المطلوب للخروج من السوق مع الاحتفاظ بالأرباح المحقّقة، أو للحدّ من الخسائر المادية في حال لم يحقّق العمل أهدافه الربحية.

وتأتي أهمية تحديد استراتيجية ذكية ومدروسة للخروج لضمانها اتخاذ أفضل القرارات الإدارية في العديد، إذ تساعد في عدّة حالات، أهمّها: 

1- إدارة المخاطر والحد من الخسائر 

يعد وجود خطة الخروج للأعمال عاملاً أساسياً للمساعدة في حالات التغييرات السوقية المفاجئة التي تطرأ على الأعمال، أو مواجهة مخاطر عملية مثل الخسائر وعدم مجابهة الأسواق، وتعتبر حينها خطة الخروج بمثابة خطة طوارئ تفيد في إدارة مخاطر التغييرات بطريقة مدروسة ومتفّق عليها مسبقاً. 

2- إدراك خط النهاية

تبقي استراتيجية الخروج أصحاب المشاريع وروّاد الأعمال على معرفة دائمة بالخطوات الواجب اتّخاذها في حال تقرّر بيع العمل أو الشركة في أي وقت من الأوقات بآليات تناسب جميع المعنيين. 

لا سيما عند وجود دراسة مسبقة وفكرة واضحة عن الشركات أو المستثمرين المهتمّين بشراء أصول وملكية أعمال الشركة. كما تساعد أصحاب العمل في تحديد مستقبل الشركة للمراحل القادمة، على سبيل المثال أيضاً، هل يريد صاحب العمل استمرارية عمله بعد إتمام صفقة الخروج؟ أو يريد حلّ الشركة؟ تفيد الإجابة على هذه الأسئلة في تحديد نوع الخروج المطلوب، مثل الدمج أو التصفية أو نقل الملكية عبر تخطيط التعاقب. 

3- رؤية وأهداف مستقبلية واضحة 

تعتبر استراتيجية الخروج، كجميع الخطط الاستراتيجية الشاملة، محدّداً أساسياً لمستقبل الأعمال. إذ تساعد صاحب العمل على اختيار وتنفيذ أفضل القرارات المالية التي تضمن تحقيق الربح المنشود دون اتخاذ خطوات متسرعة أو مخاطرات عشوائية. كما تساعد في إدراك الأهداف طويلة المدى منذ البداية، على سبيل المثال، هل يهدف صاحب العمل إلى تحقيق الأرباح المالية؟ أو يسعى إلى ترك إرث مهني؟ وعلى إثر تلك الأهداف تحدّد الأولويات. 

أشهر أنواع استراتيجيات الخروج

تختلف صفقة الخروج على اختلاف أهداف أصحاب العمل في تحديد مستقبل شركتهم أو أعمالهم بعد إتمام الخروج، إذ تتواجد عدّة استراتيجيات للخروج يمكن تطبيقها وأهمّها: 

1- صفقات الاندماج والاستحواذ M&A

تعتبر إحدى أقوى الاستراتيجيات التي يمكن اتباعها للخروج في حال الرغبة ببيع الشركة أو العمل، خصوصاً بالنسبة للشركات الناشئة، لما تتيح لصاحب العمل من سيطرة على عملية النقاش وتحديد شروط البيع. تُباع خلالها أصول الشركة أو العمل إلى شركة أخرى من الشركات الراغبة بتوسيع المدى الجغرافي لأعمالها، أو الاستفادة من البنى التحتية أو الخدمات أو المهارات التابعة للشركة المراد بيعها. 

2- بيع الحصة لشريك أو مستثمر 

يمكن لأحد أصحاب العمل، طالما الشركة مملوكة من قبل شخصين أو أكثر وفق مبدأ الشراكة، أن يبيع حصته للشركاء أو لمستثمر خارجي آخر في حال أراد الانسحاب والخروج من العمل. وتأتي فائدة هذه الاستراتيجية كونها تضمن استمرارية عمل الشركة وتحقيق الأرباح بثبات.

3- الحفاظ على الإرث العائلي

تطبّق هذه الاستراتيجية إذا أراد صاحب العمل أو الشركة أن يبقي إرثاً مهنياً لعائلته، إذ تنقل الملكية بعده إلى أحد أبنائه أو أفراد عائلته. 

4- الطرح العام الأولي IPO 

وتعرف أيضاً باسم الاكتتاب العام أو التعويم، يقوم خلالها أصحاب العمل المؤسسين بطرح أسهم شركتهم الخاصّة للبيع لمستثمرين عموميين، إذ تتحوّل بعدها الشركة من شركة خاصّة إلى عامّة تخضع لقوانين هيئات الأوراق المالية وتتيح إمكانية زيادة رأس المال بشكل كبير حسب قيمة السهم السوقية وعدد المستثمرين. 

5- التصفية

تعتبر إحدى الاستراتيجيات الشائعة التي تستخدم عن فشل العمل أو المشروع في تحقيق الأهداف والأرباح المأمولة. إذ يغلق خلالها العمل كلياً وتباع جميع الأصول، وتستخدم العائدات المكتسبة في تسديد الديون أو الإيرادات العائدة للمساهمين. 

أمثلة عن أشهر استراتيجيات الخروج

1- غوغل وأندرويد

اتسحوذت غوغل على شركة أندرويد عام 2005 مقابل 50 مليون دولار، لتعتبر إحدى أشهر الأمثلة عن استراتيجيات الخروج عبر صفات الاندماج والاستحواذ. كانت أندرويد آنذاك شركة ناشئة غير معروفة بعد، لكن غوغل اختارتها لتنافس عبرها سيطرة منافسيها، مايكروسوفت وأبل على سوق الأجهزة الإلكترونية الذكية. ورغم شهرة شركة غوغل بعمليات الاستحواذ التي تجاوز عددها ٤٠ عملية، تعتبر هذه الصفقة بالتحديد إحدى أهم الصفقات نظراً لأنه في عام 2020, بلغ عدد حاملي الهواتف الذكية من نوع التشغيل غوغل-أندرويد أكثر من 47% من إجمالي مالكي الأجهزة في الولايات المتحدة الأمريكية. 

2- أرامكو السعودية

تعتبر شركة أرامكو السعودية واحدة من كبرى الشركات عالمياً، والمتخصصة في بيع المشتقات النفطية والغاز. طرحت الشركة أسواقها للبيع عام 2009، وتحوّلت من شركة خاصّة إلى شركة عامّة.  يعدّ الطرح العام الأولي لشركة أرامكو أحد أكبر استراتيجيات الخروج عبر الاكتتاب في التاريخ، إذ بلغت عائدات الشركة 25 مليار دولار نتيجة بيع أكثر من ٣ مليار سهم في طرحها الأول، لتعاود بيع 450 مليون سهم إضافي، رافعةً عائدات العمليتين إلى 29,4 مليار دولار. 

3- شركة فورد موتور

تأسست شركة فورد عام 1903 على يد هنري فورد في ولاية ميشيغان في الولايات المتحدة الأمريكية. 

تعد الشركة حالياً ثاني ثاني أكبر شركة مصنعة للسيارات في أمريكا، فيما تحتل المركز الخامس عالمياً. إذ بلغت عائداتها السنوية عام 2019 أكثر من 156 مليار دولار. تمتلك عائلة فورد حتى اليوم أكثر من 40% من حصة الشركة، ولا تزال منخرطة في أعمالها، برئيسها التنفيذي كلايد فورد جونيور، لتكون واحدة من أهم الأمثلة عن استراتيجية الحفاظ على إرث العائلة.