يقضي الإنسان بشكل متوسط أكثر من ثلث حياته ضمن العمل، ولكي تستطيع المحافظة على صحّتك النفسية وضمان حياة متوازنة، يفضّل أن تقضي هذه الفترات ضمن بيئة عمل مريحة وداعمة

نرافقك في هذا المقال لنتعرّف على الذكاء العاطفي ضمن العمل وكيفية تطبيقه مع الشخصيات المختلفة التي تقابلنا لنضمن بيئة صحية وسعيدة

ما هو الذكاء العاطفي ولماذا يعدّ أساسياً في العمل؟ 

يمكن تعريف الذكاء العاطفي باختصار على أنّه قدرة الشخص على إدراك وفهم وإدارة مشاعره وأحاسيسه

ويعتمد الذكاء العاطفي على عدّة عوامل هي: الوعي الذاتيالتنظيم الذاتيالدافع الداخليالتعاطفالمهارات الاجتماعية

يعود انتشار مفهوم الذكاء العاطفي إلى تسعينيات القرن الماضي، وبدأ يكتسب المفهوم توسّعاً هامّاً ليشمل مجالات العمل كعاملٍ أساسيّ لنجاح الموظفين والمؤسسات

لماذا يعتبر تطوير الذكاء العاطفي أساسياً لنجاح العمل؟

يكتسب الذكاء العاطفي أهمية رئيسية في المجال العملي ضمن الشركات والمؤسسات، وذلك لسببين أساسيين

1يرتبط الذكاء العاطفي بازدياد نسبة رضا الموظفين عن عملهم، سواءً كانوا من الأذكياء عاطفياً أو كان مشرَفٌ عليهم من قبل مدير ذكي عاطفياً.

2يعدّ الذكاء العاطفي عاملاً أساسياً يرتبط بشكل وثيق مع الأداء الوظيفي

تخيّل كم سيزيد ضغط عملك إذا كان مديرك لا يتمتّع بالتعاطف أو مهارات التواصل، وتخيّل كم ستكون أكثر شغفاً وإبداعاً حين يعاملك مديرك بطريقة احترافية وداعمة؟ تعدّ إجابتك عن المثال السابق نموذجاً بسيطاً عن مقدار القيمة التي يضيفها الذكاء العاطفي على بيئة العمل

نماذج عن شخصيات الموظّفين وكيفية التعامل معها 

ستقابل في عملك أنماط مختلفة ومتعدّدة من الشخصيات، وسواءً كنتَ مديراً أو موظفاً، فإن فهمك لتلك الشخصيات يساعدك على التعامل معها بأفضل طريقة ممكنة لتضمن بيئة عمل صحية وجيّدة. رغم اختلاف الشخصيات الكبير، يمكن تصنيف تلك الشخصيات ضمن أشيعها وهي

1المحلّل

يتميّز الشخص المحلّل بكونه موظّفاً مرتّباً ومنظّماً، ويفضل العمل ضمن بيئة محدّدة. غالباً ما يكون المحلّل قد حدّد مسبقاً أفضل أساليب العمل بالنسبة إليه، ولذلك فهو يفضل الحفاظ عليها بهدوء. يعتبر الثبات عاملاً أساسياً في حياته، وقد تسبّب أيّ تغييرات غير معلنٍ عنها في وقت مسبق مشاكلَ كبيرة بالنسبة إليه

كيف نتعامل مع شخصية المحلّل ضمن العمل؟

يفضّل عند العمل مع موظّف ذي شخصية المحلّل مناقشةَ جميع التغييرات التي قد تطرأ على روتين عملهم في وقت مسبق. يمكن إعلامه بالتعديلات التي ستطرأ على مسؤولياته ومهمامه، وذلك لتزوّده بالوقت الكافي حتى يتأقلم معها ويحدّد الطريقة المثلى في تطبيقها.   

2المتسلّق

يكون الموظّف المتسلّق شخصاً طموحاً يحاول تطوير عمله بأسرع طريقة ممكنة عبر محاولاته المستمرة لنيل الرضا وتلميع صورته أمام الكادر الإداري. يحمل هذا الأمر وجهين، أولهما إيجابي، إذ غالباً ما يكون الموظّف المتسلّق مستعداً للقيام بمهام إضافية لينال إعجاب المديرين. لكن على الجانب الآخر، قد يولّد الموظّف المتسلّق شعوراً سيئاً لدى باقي أعضاء الفريق الذين يرونه على أنّه شديد الأنانية والاهتمام بذاته حد النفاق

كيف تتعامل مع شخصية المتسلّق ضمن العمل؟ 

على الرغم مما ذكرناه سابقاً عن الإيجابية التي يضيفها المتسلّق على عمل الشركة نظراً لاندفاعه ومحاولته إرضاء المديرين لتطوير مسيرته، لكن من الضروري جداً إدراك هذا الأمر، ومراقبة محاولات المستلّق في تطوير مسيرته وتلميع صورته، لأن تلك المحاولات قد تحمل آثاراً سلبية أو مؤذية لموظفين آخرين، ممّا قد يخلق بيئة عمل غير صحية ومليئة بالنزاعات التي تضرّ بالأداء العام

3المتوهّم

يحاول الموظّف ذو شخصية المتوهّم تضخيم حجم وأهمية مشاركته في المهام أكثر ممّا هي عليه في الواقع، إذ غالباً ما يقوم بتوزيع مسؤولياته على الموظفين الآخرين ويحاول سلك أقصر طريق لإتمام المهمة الموكلة إليه، ليقوم في النهاية بإعادة الفضل إلى نفسه على النتيجة النهائية للعمل

كيف تتعامل مع شخصية المتوهّم ضمن العمل؟

عليك أن تحذر عند تواجد شخصية المتوهم ضمن فريق العمل، لا سيما أنّه قد يولّد خللاً في المنظومة الأخلاقية كونه يدفع الآخرين للعمل بمجهود إضافي ليتبنّى عملهم في نهاية الأمر. بإمكانك أن تراقب عمل الموظفين بشكل مستمر وقريب حتى توزّع المهام بشكل منصف وتراقب الأداء الحقيقي لكل موظّف. يمكنك من خلال ذلك أن تحدّد بشكل واضح شخصية المتوهّم لتحاول مساعدته على تطوير عمله والتزامه بأخلاقيات المهنة بشكل جيّد.

4الفردي

يميل صاحب الشخصية الفردية إلى تفضيل أداء عمله بمفرده دون شراكات فريق العمل، إذ يقدّم أداءً جيّداً حين يتوّلى المسؤوليات بشكل فردي، ويفضّل تحمّل كامل مسؤولياته بشكل منفرد حتى وإن كان يعمل ضمن فريق. كما يفضّل الموظّف الفردي ألّا يتدخّل أحد في عمله حتى ينتهي منه

كيف تتعامل مع شخصية الفردي ضمن العمل؟

يمكن للموظّف الفردي أن يكون قيمة مضافة كبيرة للشركة كونه يعتمد على نفسه ويعرف تماماً كيف عليه إتمام العمل بالطريقة الجيّدة وبوقت محدّد. تكمن المشكلة في حال كان الموظّف الفردي يفضّل العمل بمفرده دون تقديمه النتائج المطلوبة، فيمكنك حينها أن تقدّم له المزيد من المتابعة والتعليم واحتكاك مع أفراد معيّنين ماهرين من فريق العمل حتى يصل إلى المرحلة التي تؤهله من العمل بمفرده

5العصبي المتوتّر

لا شكّ أن مكان العمل يمكن أن يكون في كثير من الأوقات مكاناً ذا ضغطٍ عالٍ. لكن الموظّف صاحب الشخصية العصبية، أو قليل الصبر والتحمّل، يمكن أن يكون واحداً من أصعب الأشخاص ضمن بيئة العمل. إذ يمكن لأمور بسيطة أن تحفّز غضبهم ليقوموا برد فعل أكبر مما تستحقه المشكلة

كيف تتعامل مع شخصية العصبي المتوتّر؟

قد تبدو ردود أفعال ونوبات غضب الشخصية العصبية غير منطقية في البداية. لكن بدلاً من أن تدخل في صراع معه على رد فعله، حاول أن تفهم الأسباب الأساسية التي تحفّز لديه نوبات الغضب، والتي غالباً ما تكون ناشئة عن عدم الإصغاء له في العمل

كما عليك أن تتّخذ خطوات فعالة لتحويل المخاطر التي تبدو إليه كمشكلة كبيرة، إلى فرص يمكن استغلالها بطريقة جيّدة. عليك أن تدرك دائماً أن ردود أفعال الشخصية العصبية تتولّد بشكل رئيسي عن عدم وجود إدارة مؤهّلة. لذا، حاول الإصغاء إليه بالقدر الكافي وغالباً سيقدّر إصغاءك الفعّال بطريقة هادئة وحسنة

كيف تحدّد شخصية الموظّف بطريقة ممتعة؟ 

إضافةً إلى الأنماط السابقة، هناك عدد أكبر وأكثر اختلافاً من أنماط الشخصيات حسب اختلاف الدراسات والتحليلات

بإمكانك اعتماد بعض الاختبارات لتشاركها مع الموظّفين حتى تعرف شخصياتهم بطريقة سلسلة وممتعة، أهمها

1تصنيف Myers & Briggs – MBTI

يحدّد هذا التصنيف ١٦ شخصية مختلفة للأشخاص بناءً على تقييم الاختبار. إذ تتيح المؤسسة أيضاً إمكانية الاستعانة باستشاري تابع إليها

2تصنيف هولاند Holland Code

يعتمد التصنيف على الاهتمامات التي يحملها الموظّفون لربطهم مع الوظائف المهنية المناسبة تبعاً للنتائج. يعرف التصنيف أيضاً باسم نظام RAISEC لاعتماده على 6 مجالات أساسية تصنّف الشخصيات ضمن 6 رموز أساسية وهي: الواقعيةالمحقّقةالفنّانةالاجتماعيةالمغامِرةالتقليدية.

 

للمزيد:
أهمية تطوير الأعمال.. هل تملك مهارات مطوّر الأعمال الناجح